الهندوسية وتاريخها

الهندوسية ويطلق عليها أيضاً البراهمية هي الديانة السائدة في الهند ونيبال. وهي مجموعة من العقائد والتقاليد التي تشكلت عبر مسيرة طويلة من القرن الخامس عشر قبل الميلاد إلى وقتنا الحاضر، ولا يوجد لها مؤسس معين تنتسب إليه شخصياً وإنما تشكلت عبر امتداد كثير من القرون، أحد أصولها المباشرة هي ديانة فيدا التاريخية منذ هند العصور الحديدية، ولذلك فكثيراً ما يطلق عليها أقدم ديانة حية في العالم، وتضم القيم الروحية والخلقية إلى جانب المبادئ القانونية والتنظيمية متخذة عدة آلهة بحسب الأعمال المتعلقة بها، فلكل منطقة إله ولكل عمل أو ظاهرة إله. 
وأحد التصنفيات المنهجية للنصوص الهندوسية هي النصوص الشروتية (الإلهام)، والنصوص السيريتية. (المحفوظ). وتناقش هذه النصوص اللاهوت، الفلسفة، الأساطير، وطقوس وبناء المعابد. وأحد النصوص العظمى الفيدا، الأوبانيشاد، البوراناس، رامايانا، البهاغافاد غيتا، والآجاما. أتباعها يربون على المليار نسمة، منهم 890 مليون نسمة يعيشون في الهند في شبه القارّة الهندية ذات الـ 96% من تعداد الهندوس في العالم، وتعتبر بذلك ثالث أكبر ديانة في العالم بعد المسيحية والإسلام.

أصل الكلمة
كلمة "هنْدُو" (بكسر الهاء) هي كلمة فارسية الأصل ولم تستخدم هذه الكلمة لتصف الديانة الهندوسية بل استخدمها الفرس ليشيروا للقوم الذين يسكنون ما وراء نهر السند في الجزء الشمالي الغربي من شبه القارة الهندية. وأول ما ورد ذكرها كان في الريجفدا.
والهندوسية (بالهندية: فرناشرمَ) تعني النظام الاجتماعي (فَرْنَ) الرباعي والروحي (آشْرَمَ)الرباعي. وباللغة السنسكريتية (دَيْوَناغَرِي :हिंदू धर्म) تعني لغة الملائكة، وهي اللغة التي دونت بها الفيدا، وشروحها (بورانات)التي تحمل كل منها اسم الحكيم، وعددها 18، بالإضافة إلى مهابهارت ويعني تاريخ الهند الكبرى ورامايانا، ويعادلان الإلياذة عند الإغريق. سلم المولى برهما الفيدا إلى ولده نارد موني الذي سلمها إلى مريده فياس دف الذي دونها منذ 50000 بعد أن كانت مشافهة وهو كبير مراجع الفيدا وبعد أن صنفها إلى أربعة أوكلها إلى مريديه الذين عملوا على نشرها في الأرض.

التعددية
تظهر المشكلة في ايجاد تعريف موحد للهندوسية بسبب انها تعود لأكثر من مؤسس فليس هناك طريق واحد للخلاص بل و تتعدد أهدافها تبعا للاجزاء المختلفة في النص التي كتبت على مر العصور نقلا بالنص عن المحكمة العليا بالهند " الديانة الهندوسية لا تتبع نبيا بعينه ، لا تعبد اله واحد ، لا تؤمن بمفهوم فلسفي واحد ، لا تتبع نمطاً موحداً للشعائر الدينية ، في الواقع لا تمثل المظاهر المتعارف عليها للأديان ، انها فقط أسلوب حياة " يقول أيضا نائب رئيس الهند سارفيبالى راداكريشنان " ان الهندوسية لا يمكن تعريفها ، يمكن فقط اختبارها " و هذا يجعله من الصعب تعريف الهندوسية كديانة طبقا للمعايير الغربية

تاريخ الهندوسية
يعود أول دليل على وجود دين في الهند في فترة ما قبل التاريخ إلى أواخر العصر الحجري الحديث (5500–2600 ق.م).
أما معتقدات وشعائر الفترة الكلاسيكية المبكرة فتسمى الديانة الفيدية التاريخية، هذه الديانة يظهر فيها تأثر ها بالديانة الهندوأوروبية البدائية، وأقدم فيدا هي الريجفدا ويرجع تاريخها من 1700- 1100 ق. م، وهي مركز الفيدات لآلهة مثل إندرا، فارونا، آجني، وفي طقوس السومية. وطقوس تضحيات النار ياينا تغنى بترانيم فيدية لكن بدون معبد أو تماثيل.

وشهد القرنين الثامن والتاسع قبل الميلاد تكوّن الأوبانيشادية الأولى،:183. والأوبانيشاد تمثل الأساس النظري للهندوسية الكلاسيكية وتسمى فيدانتا (وهي ختام الفيدا)، وقد شنت الأوبانيشاد هجمات على التكثيف المتزايد للطقوس، ومن ثم فقد تم توليف هذه التضاربات الواحدية (نسبة للمذهب الواحدي monisticc) في إطار إيماني في المخطوطة الهندوسية المقدسةبهاغافاد غيتا. والملاحم السانسكريتية العظمى رامايانا ومهابهاراتا تم جمعها على فترات طويلة أثناء أواخر قرون ما قبل الميلاد وبداية القرون الميلادية، وهي تحوي قصصاً أسطورية عن حكام وحروب الهند القديمة، وتخللها أطروحات دينية وفلسفية. وكتاب برواناس المتأخر يحوي حكايات عن الديفا والديفيز وتفاعلها مع الإنسان وحروبه ضد الراكشاسا.
والتمدن المتزايد في الهند في القرنين 7 و 8 ق.م أدى إلى زيادة حركات زهدية أو ما يعرف بالشارمانا، والتي تحدت منهجية الطقوس. وكان ماهافيرا (حوالي 549 - 477 ق.م)، مؤيدالجاينية وبوذا (حوالي 563- 483م) مؤسس البوذية من أبرز أيقونات تلك الحركة.
وأطلق المصطلح في البداية على تلك المفاهيم الدينية للهندوس وعُرفت تلك المفاهيم بالتالي بالهندوسية - ديانة الهندوس. والهندوسي هو من يؤمن بالفلسفات الواردة في أسفار الـ "فيدا"، وتقول فلسفة الفيدا بالوحدة البائنة أي أن الله وسائر الأحياء من نوع واحد (برهمن) لكنهم آحاد (آتماز). 
يتجلى الله في ثلاثة وجوه: برهمن اللاشخصي وبرماتما (الذات العليا) وبهجفان  (الغني) بينما سائر الأحياء شقوقه. تعلن الفيدز أن لله ثلاثة قدرات: القدرة الباطنية (الروحية) والقدرة الخارجية (المادية) والقدرة البينية (الأحياء). لذلك، الوجود مؤلف من الله المقتدر وقدراته. بالنسبة للهندوس هو عملية البحث عن الذات الروحية وتبينها عن المادة. كما لا تنادي الهندوسية بالبحث عن الخلاص أو إنقاذ الروح، فالروح سليمة وليست بحاجة لخلاص أو انقاذ، فكل ما يحتاجه الإنسان هو فهم اختلاف الجسم المادي وذاته الروحية.
الـفيدانتا واختصارها الفيدا هي موجز الاوبانيشدات. كلمة فيدا تعني العلم وكلمة انتا تعني حد العلم. تنص الفيدانتا ان عملية البحث عن الذات (الوصول إلى الآلهة) يمكن أن تتم بطرق عديدة. سبل تحقيق الذات هي اليوجا أو اليوغا وهي عدة أشكال تقصد التحكم بالعقل والحواس قبل العثور على الذات العليا (برماتما) داخل القلب. ترسم اليوجا ثلاثة دروب: كرم يوجا وهي درب العمل الصالح المتمثل بالطقوس الدينية المشتملة على تقديم القرابين إلى الملائكة ابتغاء دخول جنانهم وغيان يوجا وهي درب العلم التخميني ابتغاء التوحد بالآلهة وبهكتي يوجا وهي  درب التتيم بحب الآلهة.
اطلق "سمارت" على فترة ما بين 1000 ق.م و 100 م بالفترة ( الما قبل الكلاسيكية ) و تعتبر الفترة التكوينية للأبيشاند (الفيدات) ، البراهيمية ، الجاينية و البوذية . تتبعها الفترة (الكلاسيكية) من 100 م إلى 1000 م و يصاحبها ازدهار الهندوسية و البوذية في الهند اما عن "مويسيه" فاطلق على الفترة ما بين 800 ق.م إلى 200 ق.م بالفترة ( الكلاسيكية ) و يراها كفترة إعادة تقييم للعادات و المعتقدات . فالبراهميين و شعائرهم لم يعد عليها نفس الإقبال كالفترة الفيدية و يقول أيضا ان بعض مفاهيم الديانة الهندوسية مثل الكارما ، التناسخ و الاستنارة الشخصية و التي لم يكن متعارف عليها في الفترة الفيدية تطورت في الفترة الكلاسيكية.



Emoticon