الهندوسية كما نعرفها اليوم يمكن تقسيمها إلى عدة تيارات، ومن بين الفلسفات الست التاريخية لم يبق منها إلا مدرستين وهما: فيدانتا و اليوجا.
- الهندوسية الشعبية، التي أخذت من التقاليد المحلية ومعتقدات الآلهة المحليين، وترجع إلى فترة ما قبل التاريخ أو على الأقل سابقة لكتب الفيدا المكتوبة.
- الشروتية.
- اليوجا.
- البهاكتي.
الهندوسية ليس لها نظام موحد يمثل العقيدة ولكن الهندوسية مصطلح مظلة تضم بأسفلها تعدد الظواهر الدينية الناشئة من العقيدة الفيدية.
معظم الطقوس الهندوسية تبجل مجموعة من النصوص الدينية تسمى الفيدا.
معتقدات هندوسية
نستطيع فهم الهندوسية من خلال كتبها ، ونظرتها إلى الإله ، ومعتقداتها ، وطبقاتها ، إلى جانب بعض القضايا الفكرية والعقائدية الأخرى .
أ- كتبها :
للهندوسية عدد هائل من الكتب عسيرة الفهم ، غريبة اللغة ، وقد أُلّفت كتب كثيرة لشرحها ، وأخرى لاختصار تلك الشروح ، وكلها مقدسة عندهم ، وأهمها :
1- " الفيدا " (veda) : وهي كلمة سنسكريتية ، معناها الحكمة والمعرفة ، وتصور حياة الآريين، ومدارج الارتقاء للحياة العقلية من السذاجة إلى الشعور الفلسفي ، وفيه أدعية تنتهي بالشك والارتياب ، كما أن فيه تأليهاً يرتقي إلى وحدة الوجود ، وهي تتألف من أربعة كتب .
2- مها بهارتا : ملحمة هندية تشبه الإلياذة والأوديسة عند اليونان ، ومؤلفها " وياس " ابن العارف " بوسرا " الذي وضعها سنة 950 ق.م ، وهي تصف حرباً بين أمراء من الأسر المالكة، وقد اشتركت الآلهة في هذه الحرب.
ب- نظرة الهندوسية إلى الآلهة :
1. التوحيد : لا يوجد توحيد بالمعنى الدقيق ، لكنهم إذا أقبلوا على إله من الآلهة أقبلوا عليه بكل جوارحهم حتى تختفي عن أعينهم كل الآلهة الأخرى ، وعندها يخاطبونه برب الأرباب ، أو إله الآلهة .
2. التعدد : يقولون بأن لكل طبيعة نافعة أو ضارة إلهاً يُعبد : كالماء والهواء والأنهار والجبال.. وهي آلهة كثيرة يتقربون إليها بالعبادة والقرابين.
3. التثليث : في القرن التاسع قبل الميلاد جمع الكهنة الآلهة في إله واحد أخرج العالم من ذاته وهو الذي أسموه :
1- براهما : من حيث هو موجود .
2- فشنو : من حيث هو حافظ .
3- سيفا : من حيث هو مهلك .
فمن يعبد أحد الآلهة الثلاثة فقد عبدها جميعاً أو عبد الواحد الأعلى ولا يوجد أي فارق بينها .
- يلتقي الهندوس على تقديس البقرة وأنواع من الزواحف كالأفاعي وأنواع من الحيوان كالقردة ، ولكن تتمتع البقرة من بينها جميعاً بقداسة تعلو على أي قداسة ، ولها تماثيل في المعابد والمنازل والميادين ، ولها حق الانتقال إلى أي مكان ، ولا يجوز للهندوكي أن يمسها بأذى أو بذبحها ، وإذا ماتت دفنت بطقوس دينية .
- يعتقد الهندوس بأن آلهتهم قد تحل في الانسان فيسمي افاتار ككرشنا علي سبيل المثال.
الإله عند الهندوس
تتنوع مفاهيم الهندوسية عن الله من التوحيد إلى تعددية الإله، إلى وحدة الموجود، إلى وحدة الوجود، إلى الواحدية، إلى الإلحاد إلى مفاهيم أخرى. ومفهوم الرب معقد ويتوقف على الفرد والمعتقد والفلسفة التي يتبعها. ومفهوم الرب عند الهندوسية أحياناً يطلق عليه الهينوثية (وتعني الإخلاص لإله واحد مع قبول الآلهة الأخرى) لكن أي مفهوم من هذا يعتبر شديد التعميم. ولم يكن للريجفدا وهي الدعامة الأساسية للفلسفة الهندوسية وأقدم مخطوطاتها أي نظرة معينة لله أو خلق الكون، ولكنها بالأحرى تترك الفرد يبحث عن ويكتشف إجاباته الخاصة عن ماهية الحياة. وترنيمة ناساديا سوكتا (وتسمى ترنيمة الخلق) من الريجفدا تقول:
من يعرف حقيقةً؟
من هنا يستطيع إدعاء المعرفة؟
كيف بدأ الكون؟ كيف خُلِق؟
لقد جاءت الآلهة بعد ذلك مع خلق الكون.
من إذن يعرف من أين نشأ كل ذلك؟
ويؤمن معظم الهندوسيين أن الروح وهي النفس الحقيقية لكل شخص وتسمى آتمان هي خالدة. ووفقاً للاهوت الأحادية ووحدة الوجود الهندوسي (مثل مدرسة أفايتا فيدانتا) فإن الآتمان لا تنفصل عن البراهمان- الروح الأسمى، وبالتالي يطلق على هذه المدارس اللاثنائية. وهدف الحياة بالنسبة لمدرسة الأفايتا أن يدرك الشخص أن روحه هي مطابقة للبراهمان الروح الأسمى.
وتقول الأوبانيشاد أن ذلك الذي يدرك أن روحه (آتمان) مطابقة للبراهمان قد وصل إلى الموكشا (الحرية أو التحرر).
ومدارس الفيدانتا والنيايا تقرر أن الكارما نفسها تثبت وجود الله. وحيث أن النيايا هي مدرسة المنطق فقد استدلت منطقياً أن الكون مخلوق ولابد له من خالق.
والمدارس الثنوية (انظر دافايتا وبهاكتي) تفهم البراهمان على أنه كينونة أسمى تملك شخصية وبالتالي هم يعبدونه على أنه براهما، فيشنو، شيفا، و شاكتي، وذلك متوقفاً على نوع الطائفة التي ينتمي إليه الفرد. الآتمان تعتمد على الله لكن الموكشا تعتمد على الحب لله وعلى نعم الله. وعندما يُنظر لله على أنه كينونة أسمى متجسد في صورة شخص (أكثر من كونه مبدأ لا متناهي) فإنه يطلق عليه إيشفارا (الرب)، ''بهاجافان'' (السعيد)، ''باراميشوارا'' (الرب الأعلى).
على أية حال فإن ترجمات وتأويلات الإيشفارا تتنوع من عدم الإيمان به من قبل مدرسة الميماسا، إلى التعريف بأن الإيشفارا والبراهمان كيان واحد كما في مدرسة الإيدفايتا. أما في معظم التقاليد الفيشناوية فيعتبر فيشنو، لكنه في النصوص الفيشناوية هوكريشنا، وأحياناً يشار إليه بأنه سافيام باهجافام. على أية حال فإنه في الشاكتية يعتبر ديفي أو آدي باراشاكتي الروح الأسمى، أما في الشيفية فيعتبر شيفا الكينونة الأسمى.
وتعدد الديفا يشير إلى صور التجسد الأرضي (الأفاتار) للبراهمان. ويقرر الفيلسوف وليم جونز في نقاشه عن التريمورتي أن الهندوسي يعبد الكينونة الأسمى في صورة ثلاث أقانيم: براهما، فيشنو، وشيفا. والفكرة الأصلية للديانة الهندوسية أن التحولات تتمثل في الأفاتار.
في البهاغافاد غيتا فإن الله هو المستودع الوحيد للجونا كما في المثال التالي:
(يديه وقدميه في كل مكان، ينظر في كل إتجاه، عينيه وأذنه ووجهه يشيرون لكل الإتجاهات، وكل العوالم الثلاثة محاطة بهم.)
سامكيابرافاشانا سوترا أو سامكيا تقول بأن وجود الله أو إيشفارا لا يمكن إثباته وبالتالي لا يمكن الاعتراف بوجوده. وتقول بأن إلهاً واحداً غير متغير لا يمكن أن يكون المصدر لعالم دائم التغير. وتقول أن الله كان افتراضية ميتافيزيقية ضرورية تطلبتها الظروف.
أنصار مدرسة الميمامسا والتي تأسست على تقويم السلوك والطقوس تقول أن الدلائل المشيرة لوجود الله ليست كافية، وأنه لا ضرورة من فرضية وجود صانع للكون، تماماً مثلما ليس ضرورياً إثبات مؤلف للفيدا أو إله ليعطي الشرعية للطقوس. والميمامسا تعتبر أن الله المذكور في الفيدا ليس له وجود وذلك بعيداً عن المانترا أو التعبد الذي يذكر اسم الله، وفي هذا الشأن فإن قوة المانترا (التعبد) هو ما يُرى على أنه قوة الآلهة.