آثار التجارة الدولية على البيئة

إن الفكر وراء محاولة الربط بين التجارة الدولية والبينة يستند الى أن التجارة العالمية ونموها المتسارع بعد تحوير التجارة سوف يترتب علية زيادة مستمرة غير مرغوبة في إنتاج منتجات تؤدى إلى تلوث شديد للبيئة في تلك الدول  التى لا تلتزم بشروط و إجراءات مناسبة. إلا انه وفقا للفكر الاقتصادي فان ذلك الأمر يعتبر السياسة بيئية سيئة وليس السياسة التجارية حيث أنه على المستوى القومي يمكن التغلب على الضرر البيئي المترتب على هذا الإنتاج من خلال الإجراءات البيئية مثل ضرائب التلوث أو قوانين حماية البينة والمحافظة على البينة من التلوث.
وعلى الرغم من أن الشروط والإجراءات البيئية القومية تلعب دورا في الحد من الضرر البيئي داخل الدولة إلا أن  دورها في منع انتقال هذا الضرر يعتبر محدودا حيث أن جزءا على الأقل من هذا الضرر ينشأ نتيجة الأنشطة الإنتاجية فى البلدان الأخرى، بل إن فعالية القياسات البيئية القومية يمكن أن تصبح عديمة الجدوى بتأثير التجارة الدولية.

فعلى سبيل المثال إذا قامت إحدى الدول بفرض ضريبة على إحدى السلع الملوثة للبيئة والتي تنتج بها  والتي تدخل في نفس الوقت في التجارة الدولية فان ذلك قد يؤدى إلى ارتفاع الأسعار العالمية لتلك السلعة ومن ثم قد تعمد الدول الأخرى التى لا تفرض ضريبة إلى زيادة إنتاجها من تلك السلعة للحصول علي أرباح أكثر كنتيجة لارتفاع السعر العالمي ومن ثم تنخفض أرباح الدولة التى تلتزم بفرض الضريبة على التلوث.

وكمثال آخر إذا قامت إحدى الدول بفرض ضريبة التلوث فان هذا الإجراء قد يصبح غير فعال فى بعض الأحيان لأن الصناعات الملوثة للبيئة يمكن أن تقل نشاطها إلى دول أخرى لا تلتزم بالشروط البيئية. ومن هذا المنطلق فان الكير من الدول المتقدمة ترى أنه ما لم يوجد التزام عام من خلال قانون عالمي يربط بين المشاكل البيئية والتجارة الدولية فإنها سوف تكون المتضرر الأول. فعلى الرغم من أن التجارة ليست السبب المباشر للتلوث إلا أنها تعمق من مشكلة التلوث البيئي.

وبناءا على ما تقدم فان أي تحليل اقصادي لأثر التلوث البيئي - من منظور عالمي- لابد أن يأخذ في اعتباره أن هناك عاملين مؤثرين هما ، الأثر الناشئ عن الأنشطة الملوثة للبيئة داخل الدولة والأثر الانتقالي للمشاكل البيئية. وكل البدائل المطروحة الآن في المناقشات الإقتصادية لمواجهة مشكلة انتقالية التلوث هو فرض ضريبة على الواردات من السلع الملوثة للبيئة بهدف تقليل الأثر الضار الناشئ عن انتقال المشاكل البيئية عبر الحدود القومية .

إلا أنه يظل هناك العديد من التساؤلات في هذا الخصوص مثل: أي السلع تفرض عليها الضريبة وما مقدار تلك الضريبة وما حجم الضرر وكيف يمكن تحديد انتقال الضرر. من ناحية أخرى فان هذا الإجراء ليس من شأنه إزالة التشوهات في العلاقات الدولية إنما يمكن النظر إليه على أنه عملية تعويض عن الضرر الناشئ عن انتقال التلوث والذي لا تعكسة الأسعار. كما أنه من الواضح أن مثل هذا الإجراء سوف يطبق على السلع التصديرية أما السلع الملوثة و التى لا يتم تصديرها فلن تدخل في نطاقة، لذلك فان أحد البدائل الأخرى المطروحة هو التعاون الدولي من خلال اتفاقية لحماية البيئة العالمية فعدم انضمام بعض الدول لمثل تلك الاتفاقية من شأنه أن يجعلها قليلة الفعالية.

فبافتراض أن هناك دولتين تنتجان سلعة متجانسة وتقومان بتصدير تلك السلعة في السوق العالمي، وبافتراض أن السلعة ملوثة للبيئة ويمكن للدولة مواجهة الضرر داخليا عن طريق فرض ضريبة على السلعة. وفى هذه  الحالة فان الدولة ورغبة في تحقيق رفاهية أكثر من خلال التجارة سوف تتجه بلا شك إلى فرض ضريبة بيئية منخفضة. وهذه الضريبة المنخفضة تعنى تحيزا إلى جانب المنتج المحلى على حساب المنتجين في الدول الأخرى وهى في هذه الحالة لها نفس تأثير الإعانة غير المباشرة والتي تحسن من الوضع للمنتجين المحليين .

ومع زيادة الإنتاج يزداد بطبيعة الحال الضرر البيني إلا أنه في المقابل تتزايد الأرباح التي يحققها المنتجون المحليون نتيجة تحسين موقفهم في التجارة الدولية ومن ثم فان الدولة التى تريد تعظيم عائدها من التجارة في مثل هذه الحالة ستلجأ إلى تحديد الضريبة بحيث تصبح التكاليف الجدية للتلوث مساوية لمنفعة التى  يحققها المنتجون المحليون نتيجة تحسين وضعهم في السوق، وبناءا على ذلك يتوقع تزايد الضرر البيئي نتيجة لمحاولة كل دولة تحسين وضعها على حساب البينة وهى سياسة تضر بينة العالم بصفة عامة.



Emoticon